اليوغا ليست مجرد وضعيات جسدية وتمارين تنفس وتأمل، إنها فلسفة وأسلوب حياة. فالنصوص التأسيسية لليوغا هي نصوص غنية للغاية بالتعاليم والنصائح التي تؤدي لاتباع حياة غنيّة على كل الأصعدة. إحدى هذه النصوص Bhagavad Gita (نشيد المولى) ، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 300 قبل الحقبة الحالية.
يعتبر هذا النص أحد أهم نصوص اليوغا ، فهو يقدمها على أنها نظام حياة يساعد على تجاوز الصعوبات و تحقيق الذات. يتطرق هذا النص للأخلاق وعلم النفس وعلم الاجتماع والتعليم والمسائل الأساسية في حياة كل فرد. يعتبر مهماً ومعاصراً حتى يومنا هذا ، وتُعتبر تعاليمه خارجة عن حدود الزمان والمكان.
كُتب هذا النص باللغة السنسكريتية، على شكل حوار يدور بين كريشنا (أحد آلهة الديانة الهندوسية) وأمير محارب شاب يدعى أرجونا ، يجب عليه أن يخوض معركة ضد أفراد عائلته في صراع على السلطة. من خلال فصوله الثمانية عشر، يقدم لنا البهاغافاد جيتا نصائح قيمة ودروساً ثمينة في الحياة. إليكم/ن بعضاً منها:
١-عدم التعلق :
يذكرنا Bhagavag Gita بأن كل شيء في الحياة هو غير دائم : المواقف التي نعيشها ، والعواطف التي نختبرها ، وحتى الأشخاص الذين يحيطون بنا.
إن ممارسة عدم التعلق كقاعدة أساسية للحياة ، تسمح بالتحرر من المعاناة وعدم الراحة كلما تغير الوضع الذي نعيشه والظروف التي نمر بها ، وتساعدنا على تجاوز أصعب العقبات.
الفصل 2 – الفقرة 57:
“من يعيش متحررًا من جميع الروابط ، لا يفرح بالسعادة أكثر مما يحزن في المحن ، فهو راسخ في المعرفة المطلقة.”
٢-أهمية فهم الذات:
يُعتبرفهم الذات أمر أساسي لفهم العالم الذي يحيط بنا والحياة التي نعيشها. وتعتبر المصالحة مع الذات أمراً بالغ الأهمية لتحقيق المصالحة مع ما يحيط بنا.
يمكن الوصول لذلك من خلال ممارسة الاستبطان، أي الملاحظة الذاتية لأفكارنا وعواطفنا وحالتنا الذهنية. ومن خلال أخذ الوقت الكافي للإنصات إلى جسدنا وأحاسيسه، وذلك من أجل تعزيز الوعي الذاتي والسماح لنا ببدء تغييرات إيجابية في حياتنا ، والعيش في رضا وسعادة.
الفصل 2، الفقرة 66:
“من هو غير واع بهويته الروحية لا يمكن له أن يتحكم في عقله وأن يزيد من ذكائه. كيف، إذن ، سيعرف الصفاء؟ وكيف ، بدونه ، سيتمكن من تذوق السعادة؟ »
٣-. لتغيير الوضع الذي نعيشه، يجب اتخاذ الخطوات اللازمة:
يعلمنا نص Bhagavad Gita أن النجاح في الحياة لأي شخص يكون ممكناً فقط من خلال اتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة، والعمل على تحقيق أهدافها. وأن نوعية حياتنا تعتمد على مدى عملنا الشخصي على تحسينها وتطويرها، وعلى ما وضعناه لأنفسنا من أهداف وآمال نعمل من أجلها.
الفصل 3 – الفقرة 8:
“قم بواجبك المطلوب منك، لأن العمل بالتأكيد خير من التقاعس عن العمل. بدون العمل، لا يستطيع الإنسان تلبية أبسط احتياجاته “.
٤-حياتنا هي نتيجة لخياراتنا:
من خلال فصول Bhagavad Gita ، نتعلم أهمية التفكير العقلاني وأهمية الخيارات التي نتخذها في كل مرحلة ، والتي تؤثر فيما بعد على مسار حياتنا. حتى في أصعب المواقف والظروف التي نمر بها، هناك دائماً خيار ، والأمرمتروك لنا لاتباع الخيار الذي سيجلب لنا أقل ضرر وأكثر فائدة.
الفصل 18 – الفقرة 63
“بذلك أكون قد كشفت لك سر المعرفة. فكّر مليّاً في سكون ذاتك، ثم تصرف كما يحلو لك. »
٥-الثبات رغم التحديات:
تعتبر هذه النصوص الاستمرار في التركيز على الهدف رغم المصاعب والعراقيل، وعدم اليأس بسبب العقبات أو التأثير السلبي للآخرين الذين يعيقون مسيرة الحياة ، أمر ضروري للنجاح، يجب أن يتبعه كل من أراد أن يختبر الرضا والسلام الداخلي.
الفصل 2 الفقرة 70
“من يبقى صامدًا على الرغم من الرغبات، كما المحيط الذي يبقى ثابتًا على الرغم من آلاف الأنهار التي تتدفق إليه ، وحده يمكنه أن يجد السلام.”
أخيرا ، إليكم/ن نصيحة أكررها لنفسي كثيراً ولكنها ليست من Bhagavad Gita
“ما أنت عليه اليوم هو نتيجة تفكيرك”. « Yad Bhavam, Tad Bhavati »
هذه المقولة مأخوذة من نصوص الفيدا (النصوص التأسيسية لليوغا) ، وهي تؤكد على التأثير الكبير لأفكارنا على أفعالنا ، وبالتالي على ما نحن عليه.
عندما نردد لأنفسنا باستمرار بأننا لن نستطيع تحقيق ما نصبو إليه، ينتهي الأمر إلى ثبات هذا الاعتقاد في العقل الباطن حتى يصبح حقيقة. على العكس من ذلك ، فالثقة بالوصول للهدف، والتعلّم من الأخطاء التي وقعنا بها لتصحيح المسار عند الضرورة ، والتغلب على أصعب العقبات واكتساب المزيد من القوة والخبرة والثقة في النفس في كل مرة ، يؤدي بلا شك إلى حياة أكثر غنى ورضا وسعادة.
إذا أردتم/ن معرفة المزيد عن اليوغا كأسلوب حياة، يمكنكم/ن طلب كتاب “تحرر العقل والجسد- اليوغا أسلوب حياة وعلاج”
المراجع:
- نشيد المولى- دار نوفل-١٩٩٨