الإنهاك الوظيفي أو الاحتراق النفسي Burnout Syndrome، كيف يمكن لليوغا أن تساعد بإدارته

الاحتراق النفسي Burnout Syndrome

متلازمة الانهاك الوظيفي أو الاحتراق النفسي Burn out syndrom هي مجموعة من الأعراض التي تظهر تدريجياً وتؤثر بشكل حصري تقريباً على المهن التي تتطلب توافراً كبيراً ، مثل المهن المتعلقة بمساعدة الآخرين ومهن الرعاية والصحة.

 

تظهر هذه المتلازمة ، التي زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة ، في التصنيف الدولي للأمراض التابع لمنظمة الصحة العالمية. ومع ذلك ، فهي لا تعتبر مرضاً ، بل متلازمة مرتبطة بالإجهاد المزمن في العمل. لذلك يمكن اضطراباً متعلقاً بالبيئة المهنية.

 

من بين الأعراض الأكثر شيوعاً نجد الإرهاق العاطفي (نوبات البكاء ، والشعور بالاستنزاف، ونقص الطاقة ،) ، و الآراء  السلبية تجاه العمل ، والإدانة المستمرة للمؤسسة ،والسلوك الساخر منها، والأفكار السلبية، والشعور بانخفاض الانتاجية ، والاستهلاك الذاتي ، وانعدام الحوافز. كل هذا عادة ما يكون مصحوبا بالتعب الجسدي واضطرابات النوم واضطرابات الجهاز الهضمي والمرض المستمر والمتكرر

 

تساعد اليوغا ، من خلال كونها مجموعة من التقنيات العقلية والجسدية ، بوسائل مختلفة على تجنب الاحتراق النفسي ، وتخفيف آثاره النفسية والجسدية ، إليكم/ن بعض ما يفسّر ذلك.

١. ممارسة اليوغا تشجع على الرعاية الذاتية

غالبا ما يسمعني طلابي ومرضاي أقول إن كل جلسة يوغا هي لقاء مع الذات.

 

تدعونا اليوغا إلى قضاء بعض الوقت مع أنفسنا ، وتشجعنا على الاستبطان ، أي مراقبة ذاتنا لفهم أفكارنا وعواطفنا بشكل أفضل ، ومعرفة احتياجاتنا والتعرف على حدودنا. تدعونا ممارسة قبل كل شيء إلى أن نكون لطفاء مع أنفسنا. بالإضافة إلى ذلك فإن الاسترخاء الجسدي والعقلي الذي تقدمه لنا اليوغا هو أداة ممتازة وثمينة لتجديد طاقتنا، ومواجهة التوترات الخارجية والداخلية.

٢. ممارسة اليوغا تساعد في السيطرة على التوتر والقلق

تساعد اليوغا على السيطرة على الإجهاد المزمن. إن تحفيز العصب المبهم (العصب الرئيسي للجهاز العصبي نظير الودي) هو السر ، وذلك بفضل الوضعيات الجسدية ، أو براناياما (تمارين التنفس). من ناحية أخرى ، تعمل ممارسة التأمل على تحسين التواصل بين أجزاء الدماغ وتحسين استجابة الدماغ للإجهاد وتخفيف التأثير السلبي للعواطف.

٣. ممارسة اليوغا تحسن من جودة النوم

النوم أساسي للصحة ولجميع العمليات الجسدية والعقلية في الجسم ، يكفي قضاء ليلة نوم سيئة للشعور بالآثار السلبية للحرمان من النوم في اليوم التالي.

 

لا يضمن النوم الراحة والشفاء فقط. بل له دور مهم في التعلم والحفظ وأداء المهمات النهارية. لذلك فإن جودته ومدته ضروريان للصحة البدنية والعقلية الجيدة.

 

الممارسة المنتظمة لليوغا ، بما في ذلك اليوغا نيدرا ، تحسن بشكل كبير من نوعية النوم ، عن طريق تحسين إفراز السيروتونين والميلاتونين (اثنين من النواقل العصبية الضرورية للرفاهية والنوم) ، وخفض مستوى الكورتيزول (الهرمون المرتبط بالإجهاد).

٤. ممارسة اليوغا تساعد على وضع الحدود

تعلمنا ممارسة تقنيات اليوغا أن نعي بحدودنا وأن نحترمها. تعلمنا الوضعيات الجسدية عدم تجاوز حدود أجسادنا ، والوعي بها وفقاً لحالتنا في كل مرة نمارسها فيها، وقبولها واحترامها.

 

أيضاً ، من الشائع جدا المرور بلحظات من عدم الراحة عند ممارسة الوضعيات الجسدية أو التأمل ، وهذا جزء من تعلم اليوغا ومن دروس الحياة التي تلقننا إياها، والتي تساعدنا على التعرف على الفرق بين شعور عدم الراحة المفيد والعابر ، و شعور عدم الراحة المؤذي والذي يتجاوز حدودنا. وهذا الدرس ثمين ، فهو يعلمنا كيف نحمي أنفسنا في الحياة اليومية من بيئة لا تناسبنا ، أو علاقة ترهقنا ، أو شخص لا يحترم احتياجاتنا.

٥. ممارسة اليوغا تعزّز احترام الذات

احترام الذات ضروري للصحة العاطفية والحياة المهنية ولأي شخصية متوازنة. فهو يؤثر على الانتاجية والتحفيز والعلاقات مع الآخرين ، سواء على المستوى المهني ، أو على مستوى الأصدقاء والعائلة.

 

أثبت العديد من الدراسات أن هناك علاقة قوية بين وضعية الجسم واحترام الذات والثقة بها. وضعيات اليوغا التي يكون فيها الجسم مستقيماً ، والظهر عمودياً ، والتي تسمح بفتح القفص الصدري تلهم القوة والثقة ، مثل وضعية المحارب ، والشجرة ، والجبل ، إلخ.

 

كذلك فإن ممارسة اليوغا بانتظام (الوضعيات الجسدية ، تمارين التنفس ، التأمل) تساهم في زيادة التركيز ، وبالتالي تزيد  من الإنتاجية وجودة العمل المنجز ، وتعزز احترام الذات والرضا عن الذات. أيضاً ، يساعد التأمل على الشعور بالأمان  والقوة الداخلية ، وعدم الحكم على أنفسنا ، وتنمية وعينا بذاتنا وبالوسط الذي نعيش فيه.

٦. ممارسة اليوغا تدعم التنظيم العاطفي والمرونة النفسية

التنظيم العاطفي هو قدرة الفرد على تعديل عواطفه، والتحكم في تأثيرها. هذا ما يساعد على تنمية وتغذية المشاعر المفيدة ، وحماية النفس من المشاعر الضارة والسلبية والمؤذية.

 

تساعد ممارسة اليوغا على تنمية عقل مرن وإيجابي وتحسين نوعية الحياة اليومية ، ويمكن تفسير ذلك من خلال تأثير الوضعيات الجسدية على تقليل التوتر الجسدي (الذي يعكس التوتر العقلي) وعلى تعزيز التصميم والثقة بالنفس عند البقاء في وضعية صعبة أو غير مريحة إلى حد ما. يسمح كل ذلك بزيادة التركيز الذهني وعلى البقاء في اللحظة الحالية. أما تمارين التنفس فهي تعزز التركيز العقلي وتعمل على توازن الجهاز العصبي ، وتساعد في تحسين أكسجة خلايا الجسم وزرع الهدوء الداخلي. أخيراً ، يدعونا التأمل إلى البقاء حالياً في اللحظة والمكان ، دون إصدار أحكام ، وعلى تغيير وجهة نظرنا للأشياء دائما للأفضل.

المزيد عن دور ممارسة اليوغا الإيجابي في الحياة العمليّة واليوميّة في كتاب “تحرر العقل والجسد- اليوغا أسلوب حياة وعلاج” 

 

المراجع:

 

Singh, S., Singh, D., Chaturvedi, K. K., & Kandhan, S. L. (2023). Effect of Yoga on Stress Management in Healthcare Professionals: A Systematic Review. Journal of Complementary and Alternative Medical Research22(3).

 

Janjhua, Y., Chaudhary, R., Sharma, N., & Kumar, K. (2020). A study on effect of yoga on emotional regulation, self-esteem, and feelings of adolescents. Journal of family medicine and primary care9(7), 3381-3386.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *